الجمعة، أكتوبر 09، 2009

مقالة عن وصف الرحالة الاوروبيين و المستشرقيين لليهود المصريين



جزءا من كتاب “رؤية الرحالة الاوروبيين لمصر” من تآليف الدكتورة الهام ذهني ومن اصدار دار الشروق ، ولقد اعتمدت المؤلفة وهي استاذة التاريخ الحديث بكلية الدراسات الانسانية بجامعة الازهر علي خلاصة الابحار الطويل في عالم الرحالة الاوروبيين لمصر خلال القرون الاربعة الممتدة بين بداية القرن السادس عشر و نهاية القرن التاسع عشر. ولقد رآيت ان من واجبي ان اعرفكم ببعض الرحالة او المستشرقيين الذين اعتمدت عليهم المؤلفة،

- اندريه تيفيه : وهو رجل دين فرنسي ، اهتم بجغرافيا الشرق و خصوصا مصر اهتماما كبيرا ، زار العديد من البلاد في الفترة
١٥٤٦ - ١٥٥٣ وقد زار الاماكن المقدسة في الشام و المزارات المسيحية في مصر ، وضع ثلاثة مؤلفات سجل فيها رحلاته للشرق ، نشر الاول في عام ١٥٥٤ وخصصه للجغرافيا الشرق . و اهتم في الثاني بجغرافيا العالم ونشره في عام ١٥٧٥. اما الثالث فكان عن ملوك فرنسا. هذا وقد اهتم تيفيه في مؤلفه الثاني بالقاء الضوء عن مصر وزوده بالعديد من الروسومات عنها.

-ادوارد وليم لين : اظهر لين منذ صغره تفوقا في الرياضيات و الادب ، فارسله والده الي كامبريدج بهدف الانضمام للكنيسة ولكنه تخلي عن هذه الفكرة واتجه الي لندن حيث تعلم اللغة العربية ثم اختار السفر الي الشرق ، فوصل الي مصر عام ١٨٢٥ وعقد العزم علي استكمال دراسة اللغة العربية وطبائع الشعب المصري علي حد سواء ، و لذلك ارتدي الزي التقليدي المصري و عهد الي استاذين لتعليمه اللغة العربية واحكام الشريعة و اختلط بالناس وعاش وسطهم متخذا لنفسه اسما عربيا ، وارتاد منازل القاهرة واسواقها و جوامعها حتي اكتسب ثقة المصريين وتمكن من التغلغل الي اعماقهم ، وحذا ادوارد لين حذو العديد من الرحالة السابقين مثل الامريكي فرنسيس باركمان الذي عاش مع هنود امريكا الشمالية و ارمينيوس فامبري الذي تنقل بين تتار آسيا ، و لكن ميزة لين انه استمر مدة اطول ممن سبقوه ، وقد عاد لين الي بريطانيا عام ١٨٢٨ ولم يجد ناشرا لمؤلفه في وصف مصر ثم رآي العودة اليها مرة ثانية لتحسين مؤلفه فوصلها عام ١٨٣٣ وبقي عامين اكتسب خلالهما معرفة بها، ووضع مؤلفه “عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم” الذي صدر في عام ١٨٣٦ في جزائين زوده برسومات رسمها بنفسه فحقق مؤلفه نجاحا سريعا منقطع النظير ، ثم عاد لين الي مصر في عام ١٨٤٢ بعد ان وضع في بلاده العديد من المؤلفات وبقي في مصر لمدة سبع سنوات اخذ خلالها العدة لاصدار المعجم العربي ، ولقد صدر الكتاب بعد وفاته.

والآن و بعد هذه المقدمة التي اردت ان اعرفكم بها علي مصادر المؤلفة ، اليكم المقال:

“ اعتنق العديد من اليهود الاسلام وقد علل تيفيه ذلك بالرغبة في الحصول علي مكاسب تجارية و حرية اكثر في الحركة و لكنهم سرعانا ما يرتدون الي دينهم

القي تيفيه اللوم علي اليهود لانهم لعبوا دورا في تسليم القسطنطينية للاتراك العثمانيين فقد تظاهروا باعتناق المسيحية و خانوا الامبراطور ، و كذلك اكد ان الخيانة من صفاتهم فهم المسئولون عن استيلاء العثمانيين علي كثير من مناطق اوروبا و لا سيما رودس و نابولي و بلجراد و بودابست.

واليهود متواجدون في جميع المدن المصرية كالاسكندرية و دمياط و رشيد ، وقد اكد الرحالة بانه لا تخلو مدينة منهم. ويتمركز اليهود في خان الخليلي ، فلهم منازلهم الخاصة و متاجرهم في حارة اليهود قرب الموسكي.

ولقد وصف الرحالة اليهود بانهم لا يتكلمون الا كلاما فارغا و يقصون مئات القصص من التلمود و كلها تتسم بالسذاجة ، و هم يستخدمون احيانا اللغة العبرية في الكتابة و لهم احتفالاتهم الخاصة بهم وهم يتحدثون بصوت منخفض وعلي عكس المسلمون يهمسون. وعلل ميليه ذلك لخوفهم من سكان البلاد و اضاف نجد اليهودي يسير منحني الرآس وبخطوات سريعة ، وهو يتصف بصفات البخل و الغش. و لقد اهتم الرحالة بالقاء الضوء علي حاخام اليهود و اكدوا انه يحفظ قوانينهم و لليهود حرية ممارسة شعائرهم الدينية في معابدهم.

يعمل اليهود في صناعة الذهب و الفضة و لديهم مصانع للمنسوجات من القطن الواردة من البنغال و من الحرير الوارد من سوريا. في عام ١٧٢٧ افتتح بعض اليهود شركة للتجارة مع المسحيين القادمين من اوروبا و لكن محاولاتهم فشلت ، وقد تمتع اليهود بالثراء في القرن الثامن عشر وبرزت اسماء العديد من الشخصيات لعل اشهرهم ابراهيم سرانو و كان من اغني تجار القاهرة كما ذكر نيبور.
عمل اليهود ايضا في تجارة العملة و تركزت اعمالهم في خان الحمزاوي ، كذلك عملوا في دار سك العملة ، وقد قدر ديجون اعدادهم في القاهرة عام ١٧٧٨ بحوالي الفين يعمل معظمهم بالتجارة.

تركز عمل اليهود ايضا في الجمارك وقد قدمت العديد من الشكاوي ضدهم خاصة من قبل التجار الفرنسيين ، و قد اورد الرحالة قضية اليهودي زافير الذي كان مسئولا عن جمرك الاسكندرية وفرض الغرامات علي التجار الفرنسيين فطالبوا الباشا بمعاقبته ، واستدعي من الديوان ووجهت اليه عدة اتهامات ثم قدمت ضده الشكاوي في استطانبول فتم استدعاؤه للمحاكمة. قضي علي بك الكبير علي نفوذ اليهود في الجمارك ففي عام ١٧٦٩ اوقف المشرف علي جمرك بولاق و شنقه و صادر امواله و حل الشوام واحلوا مكانهم في ادارة الجمارك فاختفت اسماؤهم من سجلاتها.

استمر الرحالة في انتقادهم لليهود حتي القرن التاسع عشر فما زلنا نلمس في مؤلفاتهم صفات القذارة و التظاهر بالفقر و ارتداد الثياب الرثة البالية حتي لا يلفتوا الانظار، كما ان اعدادهم في مصر في القرن التاسع عشر لم يطرآ عليها التغيير فقدرت ما بين الفين الي ثلاثة الآف. اما عن الحرف و المهن التي عملوا بها فلم تختلف كثيرا عن القرن الثامن عشر فقد استمروا في العمل في تجارة العملة وفي تجارة الاحجار الكريمة المستوردة من تركيا و آسيا الصغري و الهند.

قدم ادوارد وليم لين وصفآ لليهود لا يختلف عما قدمه غيره من قبل ، فذكر بان يهود الشرق يختلفون عن يهود اوروبا و هم يتميزون ببياض البشرة وصبغة الشعر وصفاء عيونهم الزرقاء او الرمادية ، ويشكو يهود مصر من امراض العيون و انتفاخ البشرة بسبب الافراط في استعمال السمسم في الطعام.

ويدفع اليهود الجزية مثل الاقباط ويعفون من الخدمة العسكرية و يحمل اليهود للاسلام و المسلمين بغضا متاصلا اكثر من اي شعب آخر و لكنهم يعيشون في مصر عيشة هادئة. وقد تآثروا بتقاليد المسلمين و لذلك تنتقب اليهوديات و يلبسن ملابس المصريات في الطريق العام علي حد وصف لين.”


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Get updates My Blog on VerveEarth